خلال حديثه أمام مؤتمر «تيد»، أراد المخترع الأسترالي «سول جريفيث» أن يثبت للحاضرين كيف يمكن أن تؤثر اختيارات المرء الفردية على الكوكب.
وهكذا، قام المهندس بعرض رسم بياني عبارة عن تدقيق شامل لتأثيره الشخصي على الطاقة، وحساب البصمة الكربونية لكل فعل في حياته، وصولاً إلى ملابسه الداخلية وورق التواليت والضرائب.
شعر «جريفيث»، مؤسس شركة لطاقة الرياح، بالخجل عندما اكتشف أنه يستهلك 18000 وات من الطاقة سنوياً -أي ضعف ما يستهلكه المواطن الأميركي العادي. وقال للحاضرين: «كنت أعتقد حقاً أنني قائد الحركة البيئية. لكنني لست كذلك. فقد كنت أفعل أشياء سيئة للغاية».
منذ هذا الحديث خلال مؤتمر «تيد» هذا قبل 10 سنوات، اجتذب مختبر «جريفيث» في سان فرانسيسكو استثمارات بقيمة 100 مليون دولار وغير مسار عشرات الشركات.
وأمضى الرجل، والذي حصل على منحة مؤسسة ماك آرثر في «العبقرية» لعام 2007 نظير اختراعاته الرائعة «في الصالح العام العالمي»، من أنظمة معالجة المياه المنزلية الجديدة إلى سلسلة الرسوم المتحركة التعليمية للأطفال، العقد الماضي في العمل لحل تغير المناخ من خلال التكنولوجيا.
والحل الذي توصل إليه هو كهربة كل شيء.
في حين أن معظم دعاة حماية البيئة يستهدفون صناعة الوقود الأحفوري، يريد «جريفيث» التخلص من الكربون من كل منزل أميركي -واستبدال كل موقد غاز وفرن وسخان مياه بأجهزة كهربائية. وإلا، كما يقول، فإن الجهود المبذولة للوصول إلى انبعاثات كربونية صفرية ستفشل.
تجري معظم أعمال «جريفيث» في مصنع قديم في سان فرانسيسكو، حيث يتم تجميع آلة الأرجن هنا مرة واحدة وإنزالها إلى الشارع من خلال باب ضخم خفي في الأرضية الخشبية.
تجري معظم أعمال «جريفيث» في مصنع قديم في سان فرانسيسكو، في كل مساحة متاحة في السقف والجدران، قام فريق «جريفيث» بتعليق الدراجات -من دراجات الشحن إلى نموذج كهربائي بأربعة مقاعد.
وشارك «جريفيث» شركة «أذر لاب» (Otherlab) [تضم مجموعة من المخترعين والمهندسين والعلماء ورجال الأعمال]، التي شارك «جريفيث» في تأسيسها منذ أكثر من عقد، هي المكان الذي يحاول فيه الأسترالي وعشرات من العلماء الآخرين إيجاد طريقة لوقف الاحتباس الحراري.
يهدف أحد مشاريع الشركة الحالية إلى إعادة تصميم منصات الرياح البحرية بشكل جذري. يقوم فريق آخر بتصميم «سكوتر» يعمل بالطاقة الشمسية من المقرر إطلاقه هذا العام. كما قاموا بتصميم نظام تعقب يساعد الألواح الشمسية على تتبع مسار الشمس خلال النهار.
بينما يركز العديد من علماء البيئة على نظرة قاتمة للكوكب، يعتقد «جريفيث» أن تغير المناخ قابل للحل، ويتخيل مستقبلاً أنظف يبدو أفضل مما لدينا الآن. قال في مقابلة: «هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن المستقبل يمكن أن يكون رائعاً!»
في ورشة العمل، كانت المهندسة «جوان هوانج»، قائدة المشاريع الخاصة بالشركة، و«هانز فون كليم» يعملان مؤخراً على مكعبات معيارية مصممة للتكديس بنظام في زاوية مرآب الشخص لتخزين الطاقة الزائدة من أنظمة الطاقة الشمسية الموجودة على السطح. يتم اختبار أنظمة التدفئة والتخزين في العديد من المنازل في كاليفورنيا، بما في ذلك منزل هوانج، أملاً في تخزين الكهرباء من الألواح الشمسية على الأسطح بتكلفة أقل بكثير من تكلفة بطارية الليثيوم -مما يجعل التكنولوجيا في متناول المزيد من الناس.
تلقت مشاريع الشركة منحاً من مختبر الأبحاث المتقدم التابع لوزارة الطاقة الأميركية والبحرية الأميركية ووكالة ناسا.
لإنجاز هذا العمل، قام جريفيث بتجميع فريق انتقائي، يضم «فون كليم»، طالب هندسة، و«هوانج». ترفض رؤية «جريفيث» لمعالجة الأثر المدمر لتغير المناخ الأفكار التقليدية. بدلاً من التركيز فقط على إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والغاز والصناعات الملوثة والتحول إلى مولدات الطاقة المتجددة، يريد أيضا التركيز على حياة الضواحي.
وقال: إن التحول إلى المزيد من مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية أمر مهم. ولكن لا فائدة من توافر طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية إذا كان موقد الطهي والفرن وسخان المياه يعملان بالغاز.
يعترف «جريفيث» بأن هذه قد تكون مهمة صعبة -فليس من السهل تبديل الأفران مثل أجهزة كالثلاجات. ويقول: إن التكنولوجيا النظيفة للأسر لم تواكب الخطوات التي تم إحرازها في صناعة الطاقة المتجددة في العقد الماضي.
وكتب: «لا ينبغي أن يكون حل مشكلة تغير المناخ مؤلماً». فالمنازل مصدر كبير للانبعاثات، وعلى عكس أزمات الطاقة السابقة، فهذه ليست مشكلة يمكن حلها عن طريق خفض منظم الحرارة وشراء أجهزة موفرة للطاقة، بل من خلال الاستبدال الكامل لأجهزة الوقود الأحفوري المنزلية.في منزله جنوب سيدني، قام جريفيث ببناء حوض استحمام ساخن في فناء منزله لتخزين الكهرباء الزائدة من الألواح الشمسية التجريبية التي تغطي منزله.
ولديه أيضاً مجموعة من السيارات القديمة التي تستهلك كميات كبيرة من الغاز، وكلها يخطط لتحويلها إلى سيارات كهربائية.
وتحدث جريفيث بحماس عن إمكانية تحويل القوارب، والزلاجات النفاثة، والسيارات القديمة للعمل بالكهرباء واستغلالها كبطاريات عندما لا تكون قيد الاستخدام.
راشيل بانيت
صحفية متخصصة في الشؤون الأسترالية والنيوزيلندية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»